من البادية إلى النفط- قصة وزير سعودي حافي القدمين

المؤلف: تركي الدخيل08.13.2025
من البادية إلى النفط- قصة وزير سعودي حافي القدمين

لو أخبرتك بأن وزير البترول في المملكة العربية السعودية، ذلك البلد المتربع على عرش إنتاج النفط عالمياً، لم يعرف ارتداء الأحذية حتى بلغ ربيعه التاسع، فذلك لأنه كان دائم الترحال والتنقل مع والدته البدوية، وجزءاً من عشيرتها الكبيرة التي ظلت لثماني سنوات تجوب الصحاري بحثاً عن الماء ومراعٍ خضراء... هل يصدق عقلك هذا الكلام الغريب؟!

قد يبدو الأمر ضرباً من الخيال، لكنها الحقيقة المرة، التي كشف عنها المهندس علي النعيمي، وزير النفط السعودي الأسبق، في مؤلفه الأخير الذي يحمل عنوان: (من البادية إلى عالم النفط)، والذي أبصر النور قبل بضعة أيام.

هذا الوزير المخضرم، الذي تجاوز الثمانين من عمره، والذي غادر منصبه الرفيع قبل عدة أشهر مضت (في مايو من عام 2016)، بعد أن قضى فيه ما يزيد على واحد وعشرين عاماً حافلة بالإنجازات، يُعد واحداً من أبناء جيل عاصر بأم عينه الفقر المدقع والغنى الفاحش في ربوع بلادنا.

بالنسبة للجيل الصاعد الجديد، ولا سيما مواليد ما بعد عام 2000 على سبيل المثال، فإن التحدث عن حياة البدو الرحّل، تبدو وكأنها ضرب من الأساطير القديمة، أو مشهد سينمائي مقتبس من أفلام الخيال العلمي الجامح!

لكنها، بكل أسف، حقيقة دامغة، شهدها وعاشها أناس لا يزالون بيننا يتمتعون بصحة جيدة وعافية تامة.

أتفهم تماماً نفور الجيل الشاب الجديد، من استمرار الحديث وتكرار هذه الحكاية، ولكنها في واقع الأمر قصة وطن بأكمله، وطن كان يمشي حافياً على الرمال كأبنائه، ثم قفز قفزة نوعية ليصبح يمتطي الطائرات الفارهة والسيارات الفارهة المرسيدس واللكزس...

الأمم العظيمة لا يمكن أن تنسى تاريخها العريق وجذورها الضاربة في أعماق التاريخ... وإن كان من الضروري أيضاً ألا تستغرق فيه وتعيش حبيسة ذكرياته فقط!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة